**تداعيات وثائقي "نتفليكس" عن فينيسيوس: فالنسيا يهدد بمقاضاة المنصة ويتهمها بتشويه سمعة جماهيره**
عادت قضية العنصرية في الملاعب الإسبانية لتلقي
بظلالها الثقيلة مجددًا، وهذه المرة من بوابة منصة "نتفليكس" العالمية،
التي أشعلت فتيل أزمة جديدة بين نادي فالنسيا الإسباني والشركة المنتجة، على خلفية فيلم وثائقي يتناول مسيرة النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور، لاعب ريال مدريد، وما
تعرض له من إساءات عنصرية، أبرزها تلك التي شهدها ملعب "ميستايا"، معقل
نادي فالنسيا.
![]() |
**تداعيات وثائقي "نتفليكس" عن فينيسيوس: فالنسيا يهدد بمقاضاة المنصة ويتهمها بتشويه سمعة جماهيره** |
**شرارة الأزمة وثائقي يعيد فتح جراح الماضي**
بدأت القصة مع بث منصة "نتفليكس" في منتصف شهر مايو (أيار) الجاري فيلمًا وثائقيًا يستعرض مسيرة اللاعب البرازيلي الشاب،
مسلطًا الضوء على التحديات التي واجهها، ومن بينها الحوادث العنصرية التي
تعرض لها في الملاعب الإسبانية. وكان من أبرز ما ركز عليه الفيلم، الواقعة الشهيرة
التي حدثت في ملعب "ميستايا" خلال إحدى مباريات الدوري الإسباني لكرة
القدم.
- في تلك المباراة، تعرض فينيسيوس جونيور لهتافات عنصرية من بعض جماهير فالنسيا، حيث وثقت
- الكاميرات ترديد عبارات مسيئة مثل "مونو... مونو" (قرد باللغة الإسبانية)، مما أثار غضب اللاعب
- بشدة وأدى إلى دخوله في مشادة كلامية مع بعض الجماهير، قبل أن يتدخل زملاؤه ولاعبو فالنسيا
- والحكم لتهدئة الموقف. وأظهر الفيلم هذه المشاهد، مع التركيز على معاناة اللاعب وردود الفعل التي
- تلتها.
**ردود الفعل الأولية على الحادثة**
عقب الحادثة مباشرة، أصدر نادي ريال مدريد بيانًا رسميًا قويًا، دان فيه بشدة الهتافات العنصرية، واعتبرها "جريمة كراهية"،
مؤكدًا أنه تقدم بشكوى رسمية لدى المدعي العام في إسبانيا. واستند
النادي في شكواه إلى المادة 124 من القانون الإسباني، التي تتيح للمدعي العام
التحقيق في جرائم العنصرية والتمييز للدفاع عن الشرعية وحقوق المواطنة والمصلحة
العامة.
- من جانبه، علق فينيسيوس جونيور بغضب على ما حدث، قائلاً في تصريحات شهيرة: "الجائزة التي
- فاز بها العنصريون كانت طردي. إنها ليست كرة القدم، إنه الدوري الإسباني"، في إشارة إلى البطاقة
- الحمراء التي
تلقاها لاحقًا في تلك المباراة المثيرة للجدل.
- نادي فالنسيا، وفي حينه، أصدر بيانًا أدان فيه "أي نوع من أنواع الشتائم أو الهجوم أو الإهانة في كرة
- القدم"، مؤكدًا التزامه بقيم الاحترام في الرياضة وموقفه الرافض للعنف البدني واللفظي في الملاعب.
- ومع ذلك، دافع النادي عن جماهيره بشكل عام، مشيرًا إلى أنه ليس من الإنصاف تعميم تصرفات
- فردية من بعض الحاضرين على جميع من كانوا في ملعب "ميستايا".
وقد أدلى فينيسيوس بأقواله أمام المدعي العام،
فيما أسفرت التحقيقات اللاحقة عن تحديد هوية ثلاثة من المشجعين المتورطين في
الأحداث واعتقالهم، بالإضافة إلى فرض عقوبات على نادي فالنسيا، تمثلت في إغلاق
جزئي لمدرجات ملعبه.
**فالنسيا ينتفض ضد "نتفليكس" اتهامات بـ"الأكاذيب والتجنيات"**
مع عرض الفيلم الوثائقي على "نتفليكس"،
تجددت الأزمة، لكن هذه المرة بين نادي فالنسيا والشركة المنتجة. اعترض النادي
الإسباني بشدة على الطريقة التي تم بها تصوير الأحداث المتعلقة بجماهيره في ملعب "ميستايا"،
معتبرًا أن الفيلم قدم رواية "لا تتطابق مع الحقيقة".
- وفي بيان رسمي شديد اللهجة، أعلن نادي فالنسيا أنه طالب الشركة المنتجة للفيلم الوثائقي بـ"تقديم
- تصحيح فوري لما ورد في العمل من أكاذيب وتجنيات ضد جماهيره". وجاء في البيان: "أمام الظلم
- والمغالطات التي طاولت جماهير فالنسيا، طالبنا كتابيًا الشركة المنتجة للفيلم الوثائقي بتصحيح فوري
- لما قيل عن أحداث ميستايا والذي لا يتطابق مع الحقيقة. يجب أن تسود
الحقيقة ويُحترم جمهورنا."
ولم يكتف النادي بذلك، بل أكد في بيانه أنه "يحتفظ
بحقه في اتخاذ الإجراءات القانونية كافة التي يسمح له بها القانون"، ملمحًا
إلى إمكانية اللجوء إلى القضاء في حال عدم استجابة "نتفليكس" لمطالبه
بتعديل محتوى الفيلم أو تقديم الاعتذار اللازم.
**تداعيات وآفاق مستقبلية**
تضع هذه الأزمة نادي فالنسيا أمام تحدٍ كبير
للحفاظ على سمعته وصورة جماهيره، التي يرى أنها تعرضت للتشويه والتعميم غير العادل.
كما تسلط الضوء مجددًا على ضرورة تكثيف الجهود لمكافحة العنصرية في الملاعب، ليس
فقط من خلال العقوبات، بل أيضًا عبر التوعية وتغيير الثقافة السائدة لدى بعض
المشجعين.
- من جهة أخرى، تثير هذه القضية تساؤلات حول مسؤولية المنصات العالمية مثل "نتفليكس" في
- التحقق من دقة المعلومات التي تقدمها، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة تمس سمعة أفراد أو
- مؤسسات. فبينما يهدف العمل الوثائقي إلى كشف جوانب من معاناة اللاعبين من العنصرية، وهو أمر
- محمود، يظل التحدي قائمًا في تحقيق التوازن بين عرض هذه الحقائق المؤلمة وبين تجنب أي تعميم
- أو تحريف قد يلحق الضرر بأطراف أخرى.
الختام
ومن المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة تطورات
جديدة في هذه القضية، حيث يترقب الجميع رد فعل "نتفليكس" على مطالب نادي
فالنسيا، وما إذا كان النادي الإسباني سينفذ تهديده باللجوء إلى القضاء. وفي كل
الأحوال، تبقى هذه الأزمة تذكيرًا بأن مكافحة العنصرية في عالم كرة القدم لا تزال
معركة مستمرة تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية.